وفاة المسيح ورفعه من القرآن
قال تعالي: ) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ( آل عمران الآية 55 .وقال تعالي : ) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ( النساء الآية 157 – 158
آية آل عمران أكدت وفاة عيسي بقوله ) مُتَوَفِّيكَ ( وآية النساء 157 أكدت عدم قتله ) وَمَا قَتَلُوهُ( ولما كان القرآن متشابهاً متوافقاً لا يخالف بعضه بعضاً، بقوله تعالي : ) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ( النساء الآية 82 . ولما كان القتل يعني الموت ، بقولـه تعالـي: ) وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ ( النساء الآية 93 ، فبتدبر هذه الآيات نجد أن وفاة عيسي عند رفعه لا تعني موته ، وذلك بالجمع بين آية آل عمران 55 وآية النساء 157 ، ولما كان القرآن يشرح بعضه بعضاً ، نجد شرح وفاة عيسي في قوله تعالي: ) اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى (الزمر الآية 42 . إذن وفاة عيسي عند رفعه ليس موتاً .
وفاة عيسى تعنى :
سمى الله تعالى النوم وفاة في آية الزمر(42)السابقة وكل فرد من هذه الأمة يعرف أن الوفاة بهذا المعنى يقصد بها تعطيل(السمع والنظر والشم والذوق واللمس) وأن أدوات هذه الحواس هي(الأذن والعين والأنف واللسان والجلد) وأن هذه الحواس في الحقيقة هي جسد الإنسان كله المكون لبشريته في صورته الآدمية ولكن الوفاة عند عيسى ابن مريم تختلف عن وفاة الآدميين بسبب اختلاف نشأة الآدميين المتكونة من الطين – أي المادة البشرية الناشئة من امتزاج ماء الأب مع ماء الأم وبعد ذلك يتم نفخ الروح فيه- أما تكوين عيسى فإنه بدأ روحاً ثم تشكلت روحه بعد نفخها في بطن أمه جسداً، ولم يكن جسده من ماء أمه- أي ليس من طينة أمه الآدمية - ولكن نشأ خلقاً مستقلاً عن أمه .
ولما كانت الوفاة تعنى تعطيل الحواس المكونة لبشريته فان وفاة عيسى كانت بتلاشي هذه الحواس حتى لا تدرك المحسوسات فأدى ذلك إلى تلاشى بشريته وصورته الآدمية ، وعاد إلى اصل بدئه روحاً، وجاءت بلاغة القرآن باستخدام لفظ (وفاة) بدلاً عن كــلمة (نوم) لان الوفاة(الموت) يتحلل فيها الجسد ويرجع إلى اصل تكوينه الترابي ، فاستخدمت كلمة وفاة هنا لعيسى ليرجع إلى اصل تكوينه الروحي ولا يحدث ذلك عند النوم ، وعند موته بعد عودته لا يتلاشى جسده في روحه ولكنه ينفصل عنها لتعرج (روحه) إلى بارئها مخلفة (جسده) في الأرض ليقبر فيها.
فصل :رفع عيسي إلي الله روحاً لا جسداً
قال تعالي : ) إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ( النساء الآية171 .
وقال تعالي: ) وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا (الأنبياء الآية 91 . وقال تعالي: ) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا ( التحريم الآية12 .هذه الآيات تبين أطوار خلق عيسي على هذا التوالي :
نزل روحاً من الله وألقي في بطن مريم روحاً وهذه الروح تحولت إلي كلمة الله الواردة في قوله تعالي: ) إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ( آل عمران الآية 45 . وهذه الكلمة شكلت طينة عيسي وصورته البشرية بتحولها بلفظة (كن) يقول تعالي: ) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ( آل عمران الآية 47 . فكان تكوين عيسي الجسماني ومادته الترابية وتخلقها إلي بشر سوى راجع إلي روح الله التي ألقاها إلي مريم ، إن عيسي ابن مريم عند وفاته ورفعه إلي الله ، عاد إلي حالة الروح الأولي قبل نزولها ونفخها في بطن مريم ، على القاعدة التي أقـرها القرآن نفسه في قولــه تعالي : ) كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ( الأنبياء الآية 104 .
آية الأنبياء هذه حددت الحـالة التي تكون عليها الذات المتوفاة، وهي تحللها ورجوعها إلي أصل تكوينها بصورة عكسية. وعلى هذه القاعدة فإن جسد عيسي ابن مريم رجع إلي عنصره المكون له، وهو الروح فعاد إلي الله روحاً بالرفع إليه كما بدأ بالنزول منه . وهذا ما يؤكده قوله تعالى :) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ( المعارج الآية4. فإن الروح هي التي تعرج إلى الله بصريح الآية فلا اجتهاد مع النص.
تنبيه :
القاعدة العلمية المستوحاة من آية الأنبياء (104) هي نفس القاعدة التي أثبتها العلم الحديث بأن جسد الإنسان يتحلل بعد الوفاة إلي عناصره الأولية المكـونة له ويتلاشى فيها ) وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا(النساء الآية 87 .
قال تعالي ) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ( آل عمران الآية 55 .
يلاحظ أن هذه الآية أكدت حقيقة أن عيسي متبع إلي يوم القيامة ، ومن لم يتبعه إلي يوم القيامة كفر ، ومرجعية هذا الحكم هي استخدام الحرف (إِلَى) الذي يفيد الظرف الممتد إلي يوم القيامة دونما انقطاع .
ومن قال بعدم عودة عيسي ، فإنه يحكم ضمناً بأن إتباعه المذكور في الآية يكون للنصارى، وفى هذا الاعتقاد نسخ للقرآن وأتباع للإنجيل إلي يوم القيامة وهذا باطل لان إتباع المسيح بالإنجيل انقطع ببعثة النبي الأمي بالقرآن يقول تعالي : ) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ( الأعراف الآية 157.
ولكي يتبع عيسي إلي يوم القيامة وفق آية آل عمران 55 ، لابد من أن يرجع ثانية إلي الأرض . وهذا يؤكد حتمية عودته في هذه الأمة .
ولما كان الرفع إليه تعالى فان العودة تكون بالتنزل ، وهو أيضا ً يتم للروح . قال تعالى : ) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ( القدرالآية4. والمقصود بالروح هنا عيسى ابن مريم وليس جبريل عليه السلام لأنه من الملائكة ، وهذا أيضا دليل صريح من القرآن بعودة عيسى ونزوله روحاً واكرر لا اجتهاد مع النص الصريح.
للموضع بقية...
مواضيع قد تهمك
للتواصل المراسلة على الإيميل greatzone0@gmail.com أو زيارة المدونة
Jesus The Savior Is Back In Sudan - The Second Coming
بحث مفيد في وفاة عيسى here
0 Comment to "وفاة المسيح ورفعه | كانت روحاَ لا جسداَ؟! وبالدليل من القرآن إذن نزوله؟"
إرسال تعليق